*عائشة بن محمود
قد تضع عملية قتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن حدا للسجال الذي لم يهدأ وقعه منذ ضربات 11 سبتمبر 2001، والتي نسبت وقتها لتنظيم القاعدة، من دون إثباتات مقنعة، حسب مراقبين من أطياف سياسية وفكرية متنوعة، لعل من أبرزهم عالم اللسانيات الأميركي نوام تشومسكي.
عملية التخلص من زعيم القاعدة استغرقت نحو 10 سنوات عرف العالم خلالها روايات عجيبة وغريبة، أشبه بحكايات الأفلام الخيالية حول حقيقة ضربات 11 سبتمبر 2001 في نيويورك، والتي يبدو أن ملفها سيغلق إلى الأبد بعد أن تم اغتيال بن لادن في اشتباكات مع القوات الأميركية في باكستان، وفق ما أعلن عنه رئيس الولايات المتحدة الأميركية صباح اليوم الإثنين 2 مايو 2011، والذي سيكون هذا الحدث بالتأكيد لصالحه في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ولئن كان لهذا الإعلان وقع الصدمة على المتابعين من جميع أنحاء المعمورة، وعلى رأسهم المتابعون في المنطقة العربية، فإن الشك في حقيقة رواية القاعدة وزعيمها بن لادن التي اعتبرها بعض المراقبين أسطورة استخباراتية أميركية، تجلى اليوم أيضا من خلال تعليقات الجمهور العربي حول مدى صحة خبر مقتل بن لادن في حد ذاته، وحول الصورة التي رافقت الخبر والتي يظهر فيها وجه بن لادن مشوها بفعل الضربة التي تلقاها من القوات الأميركية.
ومنذ الإعلان عن مقتل بن لادن، بدأت تتوارد تقارير أجنبية تشكك في صورة بن لادن ميتا، معتبرة أنها صورة مفبركة لا تنطلي حتى على من يجهل أبجديات "بيكسلات" تقنية "الفوتوشوب" لإخراج الصور على الكمبيوتر.
وقد رصد موقع "إسلام أون لاين" ردود أفعال مجموعات مختلفة عربية وأجنبية على مواقع اجتماعية حول خبر مقتل بن لادن، وما يجلب الانتباه هو مسارعة بعض المجموعات لنشر صور لشخصيات معروفة على غرار العقيد الليبي معمر القذافي أو الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بالإعلان عن مقتلهما، وهما بنفس شكل الصورة التي خرج فيها بن لادن مقتولا، وهو ما يدل على مؤشر الشك في تعاطي بعض المتلقين لرواية مقتل بن لادن، على الأقل بالنسبة للصورة التي تم نشرها مع خبر مقتله.
تعاطف وتشفي
وبغض النظر عن ردود الأفعال الرسمية حول مقتل بن لادن ، والتي تراوحت بين التعاطف وبين "التشفي" إضافة إلى فرحة مواطنين أميركيين فقدوا أقرباء لهم في ضربات 11 سبتمبر 2001، فإنه من المهم الإشارة إلى أن نبأ مقتل بن لادن جاء في خضم أحداث متسارعة وغير مسبوقة يشهدها العالم، بدأت ظاهريا ومنذ سنتين تقريبا بأزمة مالية عالمية أفقدت توازنات اقتصادات القوى العالمية، واختتمت بثورات عربية عارمة لا مثيل لها في المنطقة تطلبت تدخلا عسكريا من هذه القوى في بعض الدول وعلى رأسها ليبيا.
هذا من دون اعتبار "قنبلة" وثائق ويكيليكس التي كشفت الدور الاستخباراتي للسلك الدبلوماسي الأميركي، إضافة إلى التطور التكنولوجي لآليات التواصل الاجتماعي، والتي ساهمت بقدر كبير في انتشار الثورات الشعبية الحالية في المنطقة العربية وفي تبادل المعلومات.
ومما يجدر التذكير به بخصوص ما يسمى القاعدة التي جاءت امتدادا لما كان يعرف بـ"مجاهدي أفغانستان" الذين استعملتهم أميركا للإطاحة بالنظام السوفيتي في منتصف ثمانينات القرن الماضي، فإن حادثة 11 سبتمبر التي تم إلصاقها بتنظيم القاعدة، أحدثت سجالا كبيرا حول الكواليس الحقيقية لهذه الحادثة التي أدت إلى مقتل نحو 3 آلاف أميركي.
وقد تم إنشاء مجموعات ينشط داخلها مثقفون من بينهم عالم اللسانيات الأميركي نوام تشومسكي الذي اعتبر صراحة أنه لا توجد أية إثباتات فعلية تؤكد تورط ما يسمى بـ"القاعدة" في ضربات 11 سبتمبر. وتطالب هذه المجموعات ومن أبرزها "ReOpen911" بإعادة التحقيق في ضربات 11 سبتمبر. يشار إلى أن هذه المجموعة تعتزم تنظيم تظاهرة ضخمة في سبتمبر 2011 لمطالبة السلطات الأميركية بإعادة فتح ملف 11 سبتمبر.
كما تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى الكاتب الأميركي كريستوفر بولين (Christopher Bollyn) الذي فجر عام 2006 قنبلة تورط المخابرات الإسرائيلية "الموساد" في عملية 11 سبتمبر ، كما أدت أبحاثه الاستقصائية إلى طرده من منظمة الصحافة الحرة الأميركية (American Free Press)، وتعرضه إلى مضايقات من رجال الأمن في الولايات المتحدة الأميركية. هذا من دون اعتبار ما آل إليه بحث قام به مجموعة من المهندسين الأميركيين المتخصصين الذين توصلوا إلى أن طريقة انهيار برجي التجارة العالمي بنيويورك في سبتمبر 2001 لا يمكن أن يقع بفعل اصطدام طائرات به.
القاعدة انتهت
ولعل أكثر الروايات قربا إلى حقيقة "القاعدة"، هو ما أعلنه رئيس المخابرات الفرنسية السابق آلان شووات (Alain Chouet) عن أن القاعدة انتهت بين الفترة 2002-2004، وأن ما يهدد العالم الإسلامي بالأساس هو التيارات الفكرية الإسلامية المتطرفة، بغض النظر عن حضور القاعدة بالمنطقة أو تغييبها، وهي تيارات قد تكون محل تجاذب أو استغلال بحسب المصالح السياسية في المنطقة.
الرواية الأميركية حول "بن لادن والقاعدة"، قد ختمت بامتياز بتنفيذ الاقتراح الأميركي بدفن جثة بن لادن في شمال بحر العرب، بعد إتمام الغسل وإجراءات الدفن وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية! حسب وكالات الأنباء العالمية.
في هذه الأثناء لا يقدر المراقبون في المنطقة العربية، إلا التنديد أو التهليل لما وقع لبن لادن بحسب موقفهم مما يسمى بالقاعدة، على أن ذلك لا يمنع ربما من قيام وجهة نظر إنسانية تجاه هذه النهاية التراجيدية لبن لادن، حيث تقول الباحثة في الحضارة الإسلامية في هذا الصدد الدكتورة ألف يوسف على صفحتها في موقع "الفيسبوك": "لا أشتم أيّ شخص متوفّى أو يُقال إنّه كذلك، مهما يكن اختلافي معه، ومهما يكن ما ألحقه بالناس من أذى...للموت حرمة عندي"، وفي سياق ردود الأفعال ذاته يعلق الكاتب والفيلسوف التونسي سليم دولة بالقول :"أحزن عليه كإنسان يموت في الغربة بعيدا عن وطنه ويقتل هو وأهله، وإن كنت لا أشاطره أصلا اختياره الأيديولوجي.. فأنا لا أريد التشفي ".
محصلة القول، دفن بن لادن في أعماق البحار، وربما دفن سر القاعدة معه، لتبقى هذه الأخيرة حبيسة أسطورة لم تخرج عن دائرة التخمينات والتأويلات، وقد تُنسى هذه الواقعة سريعا، ليتحول انتباه المتابعين إلى ما يحدث في المنطقة حاليا، وقد تظهر على السطح رواية جديدة تُنسي العالم "أسطورة بن لادن".
*كاتبة صحافية من أسرة "إسلام أون لاين"
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire