بقلم : جميلة القصوري
من المضحكات المبكيات... أو لنقل من المفزعات المقرفات في هذه المرحلة التاريخية المنفلتة من كلّ عقال أن يتمّ الترويج للحملات الانتخابية بمال سياسي تفوح منه الشبهات...
ندرك أنّ السياسة لا أخلاق لها... ولا
نختلف في أنّ المصالح لا أب شرعيّ لها وأنّه حيثما حلّ المال حلّ المنكر
بالضرورة وفتحت أبواب الغواية. وأنّ الملائكة لا أحزاب لها على الأرض وأنّ
الأنبياء رحلوا عنّا منذ عصور وأنّ بعض البرامج التبشيرية الواعدة بالفردوس
على اليابسة أو المانحة لصكوك الغفران لا تعدو أن تكون سوى حبر على ورق...
ندرك كلّ هذا... لذا فانّ بعض الحياء في التعامل مع عقولنا مطلوب...

نعلم
أنّه لكلّ فترة حرّاس توابيت، لكن عندما يتضخّم حضور هؤلاء، ويصبح التسابق
على الفوز بصندوق الاقتراع أهمّ بكثير من مصلحة البلاد، وعندما تتعامل بعض
الاحزاب مع موعد الانتخابات بعملية الغنيمة، وعندما تصبح الساحة «سوقا
ودلاّلا» وحقلا خصبا لتعالي الظواهر الصوتية، وعندما يعلو صوت الزغاريد على
صوت الانجاز والفعل. عندما يفوق الحبر الذي كتبت به الشعارات فحوى
الشعارات نفسها وعندما تدخل بعض وسائل الإعلام في بوتقة «السمسرة» فتفوح
شبهة المال السياسي منها وتطغى على حياديتها فإنّه لا يمكننا اعتبار ما
يجري ترويجا طبيعيا للانتخابات بقدر هو تحريض على دفع البلاد نحو منزلق من
يدفع أكثر... وكلّه في كنف الشفافية المغشوشة.
ماذا لو لعبت النوايا
السيّئة دورها باتقان وأسكتت غواية المال صوت العقل... ووقع صندوق الاقتراع
كثمرة حان قطافها بين أياد لا تستحقّه؟
ماذا لو انطلت لعبة الوعود الكاذبة؟... وماذا لو ندمنا على التخاذل حين لا ينفع الندم؟
لازلنا في زمن الكلمة السهلة... ومازالت امكانية الصمود أمام الطوفان قائمة قبل أن تتحوّل البلاد الى كرنفال مزايدة مكشوف الاطراف.
لا
نريد مبشّرين... لا نريد ملوّثين... لا نريد اندفاعيين ولا منحنين... لا
نريد مراهقين سياسيين... لا نريد أن يكون لهؤلاء القرار... فالبلاد تعرج
بما فيه الكفاية ولا نرغب في أن ترزح مجددا تحت وطأة ديمقراطية منتهية
الصلاحية...
حرّاس التوابيت يهدّدون باغتيال المستقبل... والصامتون
خرجوا من غرفة الصمت الى غرفة النّوم... وسأكتفي بهذا القدر من التشويش حتى
لا أفسد عليهم أحلامهم.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire