dimanche 26 juillet 2015

معالجة الظروف المؤدية إلى الإرهاب ومكافحة التطرف العنيف


 ما زال الإرهاب يزدهر في بيئات تستمر فيها ممارسة العنف والفساد  ومن دون عقاب، خصوصاً في الأماكن التي لا تزال فيها التوترات الإثنية والدينية واللغوية قائمة والتي تتفاقم فيها المظالم بين الفئات الاجتماعية، وحيثما يؤدي عدم احترام سيادة القانون إلى خلق مناخٍ من الظلم. وتشمل العوامل التي يمكن أن تساهم في هذه الظروف الانتهاكات المرتبطة بالصراعات المستمرة منذ أمدٍ طويل دون حل؛ والتمييز الإثني والقومي والديني؛ والإقصاء السياسي والتهميش الاجتماعي الاقتصادي؛ ومناخ الإفلات من العقاب. ويمكن لجميع هذه العوامل أن توفر أرضية للكراهية والتطرف أمام الأفراد الذين يمكن أن يواصلوا ارتكاب أعمال إرهاب عنيفة. وكما أكد الأمين العام خلال المناقشة المفتوحة التي أجراها مجلس الأمن بشأن التعاون الدولي والتطرف العنيف في 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2014، فإن المشاكل تزداد تفاقماً عندما تكون جهود مكافحة الإرهاب غير محددة الأهداف على نحوٍ كافٍ وعندما تشعر مجتمعات بأكملها أنها تقع ضحية انتهاكات لحقوق الإنسان تُرتكب باسم مكافحة الإرهاب.

وهذا ما أكده اللجنة الأممية قدم إلى مجلس الأمن بشأن الحالة في العراق في 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2014، أن الاستراتيجيات الوطنية والدولية لمكافحة تنظيم داعش ركزت حتى الآن على نهجٍ أمني دون إيلاء اهتمامٍ كافٍ لمعالجة الظروف الأوسع نطاقاً ودون مكافحة الإيديولوجيات المتطرفة. وكما أكد المجلس في قراره 2178(2014)، ينبغي للدول أن تُشرك المجتمعات المحلية والعناصر الفاعلة غير الحكومية المعنية في وضع استراتيجيات لمناهضة الخطاب المتطرف العنيف الذي يمكن أن يُحرض على ارتكاب الأعمال الإرهابية، والتصدي للظروف المؤدية إلى شيوع التطرف العنيف الذي يمكن أن يُفضي إلى الإرهاب، وذلك بسُبُل منها تمكين الشباب والأُسر والنساء والقادة في الأوساط الدينية والثقافية والتعليمية، وكافة الجماعات المعنية الأخرى في المجتمع المدني، والأخذ بنُهُج مكيفة بحسب الحالة في مكافحة اعتناق هذا التطرف العنيف، والنهوض بالإدماج والتماسك الاجتماعيين. ويتطلب ذلك جهوداً مستمرة لتعزيز انخراط المجتمعات المحلية والسلطات في بناء الثقة ودعم الإمساك بزمام المبادرات على الصعيد المحلي، وتطوير خطاب إيجابي مضاد.

وقد تكون مكافحة الخطاب المتطرف وتعزيز الحوار وحماية حقوق الإنسان وتعزيز التماسك الاجتماعي أكثر الوسائل فعاليةً لمكافحة الدعوة إلى التطرف. ويتعين على الجهات الفاعلة في المجتمع المدني - بما في ذلك الزعماء الدينيون والمنظمات الدينية والمجموعات الشبابية والمنظمات النسائية - أن تضطلع بدورٍ هام في هذا الصدد. ويشكل المجتمع المدني المفعم بالحيوية والمتنوع والمستقل عنصراً أساسياً في تأمين حماية حقوق الإنسان على نحوٍ مستدام، ويمكنه أيضاً أن يتصدى للإيديولوجيات على مستوى القاعدة الشعبية. لكن التدابير التي اتخذتها الدول لمكافحة الإرهاب في الكثير من الأماكن حدت من قدرة منظمات المجتمع المدني على القيام بنشاطها الهام، واستهدفت في بعض الحالات منظمات إثنية أو دينية محددة بالمراقبة. وينبغي أن تشمل هذه الجهود التي تبذلها الدول لمكافحة الإرهاب تهيئة بيئةٍ مواتية، عن طريق جملة أمور بينها اعتماد تشريعات تحمي الحيز المتاح للمجتمع المدني وتعزز التدابير غير التمييزية.



Aucun commentaire: