الكاتب د. محمد صالح الهرماسي |
كلمة |
يحدث في البلاد المتحضرة أن يوجه انتقاد إلى رئيس الجمهورية لسبب من الأسباب كارتكاب خطاً سياسي أو اقتصادي ![]() أو حتى التأخر في معالجة آثار كارثة طبيعية فيستقيل الرئيس ويترك المكان لغيره... في بلادنا العربية المنكوبة بحكامها، يرتكب الحاكم المطلق كل الجرائم التي يمكن أن يتخيلها الإنسان: سياسية واقتصادية واجتماعية وحتى ضدّ الإنسانية، ولكنه يبقى في الحكم ويتمسك بالكرسي الذهبي حتى آخر رمق، ولا يتورع في سبيل ذلك عن تقتيل شعبه وإحراق بلده. ديكتاتور مصر الذي حكمها بقوّة القمع والتجويع والعمالة منذ ثلاثين عاماً مثال حي على ذلك، فما يرتكبه اليوم من مجازر بحق الشعب المصري الثائر يفوق كل تصوّر. كأن ثلاثين عاماً من نهب البلاد وقمع العباد وخدمة الصهيونية، وفصل مصر عن أمتها العربية بجدران فولاذية سميكة لم يكف الفرعون الجديد، فإذا به يقرّر في لحظة إلهام دموي تأديب الشعب الذي انفجر ضدّ حكمه الاستبدادي الفاسد، فأطلق على الثوار المعتصمين في ميدان التحرير عصابات من القتلة المجرمين والخارجين عن القانون والشرطة السرّية والمرتزقة وزبانية الحزب الحاكم ليرتكبوا مجزرة رهيبة لعلها واحدة من أكثر الوسائل التي استخدمها الطغاة والجبابرة خسّة ودناءة في التاريخ. وفي تلك الليلة الطويلة التي انهالت فيها الحجارة والهراوات والقنابل المسيلة للدموع والقنابل المولوتوف وفي النهاية الرصاص الحي على شباب مصر الثائر والأعزل إلاّ من سلاح الإرادة والتصميم على تحرير مصر، في تلك الليلة التي قابل فيها هؤلاء الشباب دموية الديكتاتور وهمجيته، وجنونه بصدورهم العارية، كان المصريون الطيّبون ممّن أثرت فيهم نبرة الاستعطاف التي خاطبهم بها في خطابه الأخير، يكتشفون وهم يشاهدون هول ما يحدث، حقيقة الوحش الذي كشّر عن أنيابه القبيحة حتى قبل أن يجفّ حبر خطابه. هكذا من حيث قدّر أنه سيؤدب الشعب كتب حسني مبارك نهايته وحفر قبره بيديه، وإذا دخل أبطال ساحة التحرير التاريخ من بابه الواسع وكتبوا لمصر العظيمة تاريخاً جديداً، دخل هو إلى أكثر مزابل التاريخ عفونة. |
lundi 7 février 2011
الديكتاتور إلى مزبلة التاريخ
Inscription à :
Publier les commentaires (Atom)
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire