mercredi 6 avril 2011

من ديكتاتورية بن علي إلى ديكتاتورية القناة «البنفسجية» بقلم جميلة القصوري


هل أتاكم نبأ قناة البنفسج سابقا والقناة الموصومة بانزلاقاتها الخطيرة خلال المرحلة الحالية...

الانزلاقات يمكن اختصارها في ثلاثة ملامح أو ممارسات أساسية فهي تعد القناة التونسية الوحيدة التي أوردت كلمة اعدام مسؤول سام بالدولة وهي القناة التونسية الوحيدة التي أدانت أشخاصا بأسمائهم دون أن تتثبت في التهم الموجهة إليهم وهي القناة الوحيدة التي كادت تحتكر قاموس الكراهية وموسوعة التحريض على العنف إضافة الى أنها توجت كل هذه الاخطاء من خلال اقدامها خلال وقت الذروة على بث مقاطع فيديو لأشخاص أضرموا النار في أنفسهم.
نعم حصل هذا دون اية اشارة كتابية الى خطورة هذه الصور على السلامة النفسية للمتلقي خاصة الأطفال منهم والمراهقين وبغض النظر عما تمثله هذه المشاهد من رسالة مضمونة الوصول الى ضعاف النفوس وذوي المناعة المرتبكة وما تعكس من دعوة فصيحة الدلالة للمحاكاة والتماهي خاصة في ظل الوضع الاجتماعي الحساس الذي نعيشه هذه الأيام العصيبة.
الغريب أن المختصين الحاضرين خلال البرنامج (مختص نفسي ومختصة في علم الاجتماع) لم يحركا ساكنا ولم يعلقا على خطورة بث هذه المشاهد العنيفة ولم ينتقدا هذا السلوك الاعلامي غير المسؤول وكما توقعنا، فقد جاء الرد سريعا على هذه الدعوة من خلال تسجيل أكثر من حادثة احتراق بكل من صفاقس وأحواز العاصمة في استجابة مباشرة وآنية فصيحة الدلالة.
وهنا نؤكد أننا لا نبالغ ولا نتحامل على القناتين الوطنيتين ولكننا بحثنا عبثا عن مسميات لهذه الصور ومرجعياتها إلا أننا لم نجد بندا تنضوي في اطاره سوى الدعوة للعنف والتحريض عليه

قد ندان بكوننا ضد الثورة وهذا طبيعي في فترة تعالت خلالها الأطياف المتطرفة يمينا ويسارا للوقوف ضد كل من تحول له نفسه نقد الظواهر «الثورجية» وفي مرحلة ازدهرت فيها سوق توزيع ملصقات التشويه المجاني، ولكننا سنقول رغم هذا وبكامل المسؤولية أننا لسنا من رواد المشاركة في فيالق التطبيل للثورة والخوف من ديكتاتوريتها.
صحيح أننا لسنا من هواة التجديف ضد التيار، ولكننا لسنا أيضا بالتعقل الذي يفرض الانحناء حتى تمر العاصفة لذا تخونني المفردات لتعداد بركات الثورة بقدر ما تسعفني للقول بأن في هذه الثورة ما يستحق النقد وبأن ما في التلفزة الوطنية ما يتطلب التنديد.
إذن بلا خجل، وبمنتهى التسلط تقتحم هذه الصور بيوتنا لتفجر في العائلات رعبا لا زالت تحاول تجاوزه فتتراءى إلينا أجسادا حية تشتعل وتستغيث أمام عدسات سادية...
فما الذي يمكن أن يترسخ في المتلقي سوى المحاكاة أو الغضب أو الشعور بالرثاء كحال منبر إعلامي اعتقد ربما أن إمعانه في المزايدة والتطرف قد يغفر ذنوب لونه البنفسجي السابق.
حصل هذا بدعوى حرية التعبير وتخليص الاعلام من قيوده، فتجددت من ساعة بث الى أخرى حجج جديدة وشواهد دامغة تشعرنا بالأسى على الحالة التي تردت إليها التلفزة الوطنية بنقلها للواقع مقابل جهلها قراءته. نحن نترقب أن تتعالج هذه المؤسسة قريبا من حالة الفصام الحاد التي تتلبسها منذ 14 جانفي وأن تمتلك الشجاعة الكافية للاعتراف بأخطائها.
التلفزة الوطنية أيها السادة دأبت لمن لم يحظ بشرف متابعتها ومنذ خروجها من عهد البنفسج على التحريض تحت شعار كشف الحقائق وحرية التعبير وخلطة الجرأة وثوابل الرعاية الإعلامية للقضايا المصيرية ولكنها تجاوزت كل الحدود لدى بثها صور الاحتراق.
 نحن نأسف لأنه لا يمكننا التعامل مع ما بثته التلفزة بنفس الحماس الهستيري الذي تكلم به كثيرون عن فضائل حرق النفس وعن القدسية المطلقة لمهرجان الشواء الآدمي...
نأسف كثيرا لأننا لم نستطع تملق الثورة وأهواء الثورجيين لأننا نستند ببساطة لمرجعيتنا الانسانية وموروثنا الإسلامي ولا يمكننا اعتبار حرق النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، بطولة.نحن ضد هواية الشواء ومشتقات الحريق ولا يمكن إلا أن نندد بهذا التعدي على مشاعرنا لأن خفايا هذه الصور تعكس عربدة فكرية أفاضت الكأس...
فمتى تعود قناتنا الى وعـيها... ولم كل هذا التأخير... نرجو أن يكون المانع خيرا .

Aucun commentaire: