samedi 9 avril 2011

لكل شيء إذا ما تم نقصان

رثاء الأندلس

لأبي البقاء الرندي



لكل شيء إذا ما تم نقصان * فلا يغر بطيب العيش إنسان


هي الأمور كما شاهدتهادولٌ * من سرَّهُ زمنٌ ساءته أزمانُ


وهذه الدار لا تبقي على أحد * ولا يدومعلى حال لها شانُ


يمزق الدهر حتمًا كل سابغةٍ* إذا نبت مشرفيات وخرصان


وينتضي كل سيف للفناء ولو * كان ابن ذي يزن والغمد غمدان


أينالملوك ذوو التيجان من يمنٍ * وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ


وأين ما شادهشدَّادُ في إرمٍ * وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ


وأين ما حازه قارون من ذهب * وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ


أتى على الكل أمر لا مرد له* حتى قضوا فكأنالقوم ما كانوا


وصار ما كان من مُلك ومن مَلك * كما حكى عن خيال الطيفِوسنانُ


دار الزمان على دارا وقاتله * وأمَّ كسرى فما آواه إيوانُ


كأنما الصعب لم يسهل له سببُ * يومًا ولا مَلك الدنيا سليمان


فجائعالدهر أنواع منوعة * وللزمان مسرات وأحزانُ


وللحوادث سلوان يسهلها * ومالما حل بالإسلام سلوانُ


دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاء له * هوى له أحدٌ وانهدنهلانُ


أصابها العينُ في الإسلام فارتزأتْ * حتى خلت منه أقطارٌ وبلدانُ


فاسأل بلنسيةَ ما شأنُ مرسيةٍ * وأين شاطبةٌ أمْ أين جيَّانُ


وأينقرطبةٌ دارُ العلوم فكم * من عالمٍ قد سما فيها له شانُ


وأين حمصُ وماتحويه من نزهٍ * ونهرها العذب فياض وملآنُ


قواعدٌ كنَّ أركانَ البلاد فما * عسى البقاء إذا لم تبقى أركان


تبكي الحنيفيةَ البيضاءَ من أسفٍ * كما بكىلفراق الإلف هيمانُ


حيث المساجدُ قد أضحتْ كنائسَ ما * فيهنَّ إلا نواقيسٌوصلبانُ


حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ * حتى المنابرُ ترثي وهي عيدانُ


يا غافلاً وله في الدهرِ موعظةٌ * إن كنت في سِنَةٍ فالدهر يقظانُ


وماشيًا مرحًا يلهيه موطنهُ * أبعد حمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ


تلكالمصيبةُ أنْسَتْ ما تقدَّمها * وما لها مع طولَ الدهرِ نسيانُ


يا راكبينعتاقَ الخيلِ ضامرةً * كأنها في مجال السبقِ عقبانُ


وحاملين سيوفَ الهندِمرهقةُ * كأنها في ظلام النقع نيرانُ


وراتعين وراء البحر في دعةٍ * لهمبأوطانهم عزٌّ وسلطانُ


أعندكم نبأ من أهل أندلسٍ * فقد سرى بحديثِ القومِركبانُ


كم يستغيث بنا المستضعفون وهم * قتلى وأسرى فما يهتز إنسان


لماذا التقاطع في الإسلام بينكمُ * وأنتمْ يا عباد الله إخوانُ


ألانفوسٌ أبيَّاتٌ لها هممٌ * أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ


يا من لذلةِ قومٍبعدَ عزِّهُمُ * أحال حالهمْ جورُ وطغيانُ


بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم * واليومَ هم في بلاد الكفْرِ عبدانُ


فلو تراهم حيارى لا دليل لهمْ * عليهمُمن ثيابِ الذلِ ألوانُ


ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُ * لهالكَ الأمرُواستهوتكَ أحزانُ


يا ربَّ أمٍّ وطفلٍ حيلَ بينهما * كما تفرقَ أرواحٌوأبدانُ


وطفلةٍ مثل حسنِ الشمسِ * إذ طلعت كأنما هي ياقوتٌ ومرجانُ


يقودُها العلجُ للمكروه مكرهةً * والعينُ باكيةُ والقلبُ حيرانُ


لمثل هذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ * إن كان في القلب إسلامٌ وإيمانُ

Aucun commentaire: